حذار هذا المرض فإنه يسد عليك الطريق نحو عوالم الغيب

 إنّ الشرط الأساس والأوّل للحركة نحو عوالم التجرّد والغيب هو الاطمئنان واليقين بـ «صحّة الطريق» وهذه مسألة مهمّة جدًّا بل تحتلّ أهمّية بالغة و.. بوسعنا القول: إنّ السبب الذي جعل الأعاظم من أهل المعرفةوأولياء الله كما نشاهد ذلك من أحوالهم وحياتهم يواجهون مسألة الوسواس بشدّة وسببه يكمن في هذه المسألة لأنّ الوسواس مرض يعرض الإنسان ومع وجود هذا المرض وهذا التفكير والتخيّل والتوهّم الذي يحصل بالنسبة إلى أمر معيّن لن يستطيع الإنسان أن يحافظ على استقامة نفسه ويقينه وتركيزه فالإنسان الوسواسيّ لا يُمكنه أن يحصل على حضور القلب في الصلاة بل جميع ما يأتي به يأتي به على أساس الشكّ والترديد والذي لديه وسواس يطوي الطريق الذي يمشي فيه على أساس الظنّ والحدس وبالتالي لن يتسنّى له أن يقطع شيئاً من هذا المسير ويتوقّف في النقطة ذاتها التي كان فيها وأنا نفسي سواء في حياة المرحوم العلاّمة (الطهرانيّ) أم بعد وفاته كثيراً ما تعاملت مع مثل هؤلاء الأشخاص وحينما كنت أنظر إلى أحوالهم كنت أرى أنّهم بعدما جاؤوا عند العظماء وقضوا فترة في محضرهم لم يطرأ عليهم أيّ تغيير بل ظلّوا متسمّرين في مكانهم و… وبالتالي لم يتمكّنوا من جني الفائدة المرجوّة فهذه المسألة من النتائج التي يُمكن للإنسان مشاهدتها بالعيان ولو أنّه حينما ينظر ظاهريًّا إلى هؤلاء قد يرى الكثير منهم من أهل العبادة فيقول: يا له من عابد! يا له من زاهد! إنّه يسعى لأداء هذا التكليف على أتمّ وجه وأحسنه! لكنّه لم يلتفت إلى أنّه أراد أن يُكحّل العين فأعماها! وبشكل عامّ فإنّ مسألة الوسواس في الأساس مسألة قبيحة ومشينة جدًّا إلى درجة أنّ الأعاظم يلجؤون أحيانًا لإعطاء البعض دستورًا لمعالجة هذا المرض

آية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني قدس سره

شرح حديث عنوان البصري الجلسة 193