قمة مظلومية الإمام علي عليه السلام

 إنّ لأمير المؤمنين عليه السلام عبارة عجيبة في نهج البلاغة.. وهي واقعاً عجيبة جداً يقول عليه السلام: «وإنَّمَا كُنْتُ جَاراً لَكُمْ جَاوَرَكُمْ بَدَنِي أَيَّاماً..» فأنا كنت معكم وجاركم لبضعة أيّامٍ عدّة أيّام فقط وفي هذه الأيّام من الدنيا إنّما جاوركم «بدني» ولكن هل تعلمون أين كنتُ في الواقع؟ كنتم ترون عليّاً كلّ يوم يخرج من منزله يذهب إلى المسجد ويصلّي ثمّ يرجع إلى منزله ثمّ يذهب إلى بستان النخل ثمّ يذهب إلى حاجة أخرى ثمّ يرجع إلى منزله ويتكرّر الأمر عصراً وعند المغرب وهكذا غدا وبعد الغد وعندما استلم حكومته لم يسمحوا له يعيش يومًا هانئًا فما إن تولّى الأمر حتّى جاءه في اليوم الثاني طلحة والزبير قائلين له: يا علي أعطنا حقّنا! فلمّا وجدوا أنّه لن يعطهم شيئًا قاموا بحرب الجمل وما كادت تنتهي حرب الجمل حتّى اشتعلت حرب صفّين وقد دامت حرب صفّين شهرًا! ثمانية عشر شهراً! تحمّل فيها حرارة القيظ وبرودة الشتاء… لقد استمرّت شهراً !! ولمّا انتهت بدأت حرب النهروان وعندما انتهت حرب النهروان تآمر عليه بعض الخوارج.. وقتلوه في محرابه! هذه هي حياة أمير المؤمنين عليه السلام! يقول عليه السلام: «جاوركم بدني» بدني الذي كان معكم ولكن هل عرفتم من هو الشخص الذي كان يتحدّث إليكم؟ وهل عرفتم ما هو الأفق الذي كان فيه؟ هل عرفتم؟ وهل عرفتم هذا الشخص الذي كنتم ترافقونه وتصاحبونه وتذهبون معه وترجعون.. في أيّ عالم هو يطير؟ وفي أي أفق يسير؟

آية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني قدس سره

محاضرة شرح دعاء أبي حمزة الثمالي / سنة 1433 هـ / الجلسة 7